آمنة العروصي
هي امرأة تعيش حياة عادية للغاية، روتينها اليومي يتكرر بلا انقطاع: الاستيقاظ مبكرًا، النظر إلى نفسها في المرآة ثم الذهاب إلى العمل، العودة للمنزل، قضاء الوقت في قراءة الكتب أو مشاهدة التلفاز، ثم النوم. لم يكن هناك ما يميز أيامها.
ذات يوم، وبينما كانت تتجول في السوق لشراء بعض الأشياء، صادفت متجرًا صغيرًا لبيع الملابس، بدا مختلفًا عن كل المتاجر التي مرت بها. دفعتها رغبة غامضة للدخول، وهناك وقفت أمام معطف طويل بلون أحمر صارخ، معروض في الواجهة، لم يكن يعكس شخصيتها إطلاقًا.
"هل أعجبكِ المعطف؟" سألتها البائعة بابتسامة.
" لا أعتقد أنه يناسبني." أجابت المرأة بتردد.
"بل يناسبكِ تمامًا. أحيانًا نحن نحتاج فقط إلى خطوة بسيطة لنرى أنفسنا بشكل مختلف."
الكلمات علقت في ذهنها طوال الطريق إلى المنزل، حاولت طرد الفكرة. "أنا لست من أولئك النساء الجريئات اللاتي يرتدين مثل هذه الملابس." فكرت كثيرا ولم تستطع نسيان المعطف.
مرت أيام، وكلما نظرت إلى خزانة ملابسها، شعرت بالنفور. ألوان غامقة ، تصميمات كلاسيكية لا تثير أي انطباع. وفي لحظة صممت أن تعود إلى المتجر وتشتري المعطف الأحمر.
حين ارتدته ، شعرت بشيء غريب: كأن قوة خفية تنبعث منه غمرتها بسعادة لم تشعر بها منذ مدة طويلة .
قررت أن تجرب الخروج به. توجهت نحو المقهى الذي اعتادت الذهاب إليه كل يوم، جلست في الخارج بدلًا من الداخل، حيث اعتادت الاختباء بعيدًا عن كل من تعرفهم..
لاحظت الأنظار تتجه نحوها. شعرت بالارتباك والتوتر، لكن سرعان ما اطمأنت بعد أن تأكدت أن هذه الأنظار لم تكن انتقادًا، بل كانت تعبيرًا عن الإعجاب. فجلست بثقة لم تعرف من أين أتت...
مرّ النادل الذي يعرفها منذ سنوات وقال مبتسمًا: "هناك شيء مختلف بكِ اليوم، هل هو المعطف؟"
ضحكت وقالت: "ربما. لكنني أشعر أنني شخص جديد."
منذ ذلك اليوم، لم يعد الأمر متعلقًا بالمعطف فقط. بل بالقرارات الصغيرة التي بدأت تتخذها. اختارت أن تجرب أشياء جديدة، أن تقول رأيها بوضوح في الاجتماعات، أن تذهب إلى أماكن لم تزرها من قبل، أن تواجه مخاوفها خطوة بخطوة.
اكتشفت أن المرأة التي كانت تراها في المرآة _ والتي لم تشبهها يومًا – لم تكن سوى نسخة كامنة منها، تنتظر اللحظة المناسبة لتخرج إلى النور.
آمنة العروصي / المغرب
قصة
اضف تعليقاً عبر:
الابتسامات